دينا محمود (لندن)

بعد أيام قليلة من قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «اليويفا» إعادة فتح التحقيق بشأن انتهاك نادي «باريس سان جيرمان» (المملوك لأحد الصناديق السيادية القطرية) لما يعرف بـ«قواعد اللعب المالي النظيف»، بدأ الملاك القطريون للنادي ضخ أموال طائلة في ميزانيته تحسباً لفرض عقوبات مشددة عليه.
وكشف موقع «إنسايد وورلد فوتبول» المعني بأنباء الرياضة العالمية النقاب عن أن «جهاز قطر للاستثمار» الذي يملك النادي الباريسي زاد من ميزانيته بنحو 316 مليون يورو (ما يربو على 368 مليون دولار)، وذلك في ظل مخاوف متصاعدةٍ من عواقب قرار «اليويفا» بإعادة التحقيق مع مسؤولي «باريس سان جيرمان» بشأن الصفقات القياسية التي أبرمها خلال فترة الانتقالات الصيفية لموسم 2018/‏‏2017.
وكان النادي الباريسي ذو الإدارة القطرية، أبرم الصيف الماضي الصفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم، عندما تعاقد مع النجم البرازيلي نيمار جونيور دا سيلفا من برشلونة الإسباني مقابل 222 مليون يورو (258.5 مليون دولار). كما تعاقد النادي مع اللاعب الفرنسي كيليان مبابي الذي انضم إليه من «موناكو» على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد قبل التعاقد معه بشكل نهائي، وذلك مقابل 180 مليون يورو (نحو 210 ملايين دولار).
وأدى تخصيص «باريس سان جيرمان» لهذا الإنفاق الجنوني للاستحواذ على أكبر عدد ممكن من نجوم الكرة في العالم، إلى فتح «اليويفا» تحقيق معه بتهمة انتهاك «قواعد اللعب المالي النظيف»، وهو التحقيق الذي وصف بأنه كان الأطول والأكثر تعقيداً منذ وضع القواعد الخاصة بالرقابة المالية على إنفاق الأندية الأوروبية قبل 10 سنوات. وتنص هذه القواعد على ألا يتجاوز إنفاق الأندية المشاركة في المسابقات التي ينظمها «اليويفا» قيمة إيراداتها المالية، وألا تتعدى خسائرها 30 مليون يورو (نحو 35 مليون دولار) لفترة ثلاثة أعوام.
وقد تصل العقوبات التي تُفرض على الأندية المُدانة بمخالفة تلك القواعد إلى حرمانها من المشاركة في البطولات الكروية الأوروبية. ورغم تبرئة ساحة النادي الباريسي مؤقتاً من التهم الموجهة إليه في يونيو الماضي، عاد الاتحاد الأوروبي بفعل الغضب العارم الذي نجم عن ذلك إلى إعادة فتح ملف القضية، وهو ما جدد مخاوف السلطات القطرية التي تعتبر «باريس سان جيرمان» إحدى أدواتها الرئيسية لتبييض صورتها على الساحة الدولية.
وقال موقع «إنسايد وورلد فوتبول» إن زيادة ميزانية النادي تستهدف تعزيز مركزه المالي في وقت يخضع فيه لتدقيق من جانب هيئة الرقابة المالية التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم خلال العام المالي الذي ينقضي بنهاية الموسم الكروي الحالي». وأشار في تقرير إلى أن الإنفاق المهووس من جانب ملاك النادي الفرنسي أثار بشكلٍ فوريٍ انتقادات أوروبية واسعة النطاق، واتهامات بأن (ما يقوم به جهاز قطر للاستثمار في مجال الرياضة) يشوه المنافسة بين الأندية» لصالح «باريس سان جيرمان» الذي يرأسه القطري ناصر الخليفي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «بي.إن سبورت» الضالعة في ممارسات احتكارٍ واسعة لحقوق البث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكد التقرير أن الأموال الجديدة التي ضختها الإدارة القطرية في ميزانية «باريس سان جيرمان» تستهدف تبديد أي مخاوف ماليةٍ بشأن استمرارية النادي، ومحاولة لإقناع المحققين التابعين لـ«اليويفا» بسلامة التصرفات المالية لهذه الإدارة. وربط بين الخطوة المشبوهة التي أقدم عليها الخليفي، والسماح مؤخراً لنادي «آيه سي ميلان» الإيطالي بالمشاركة في بطولة الدوري الأوروبي للموسم الجاري بقرارٍ من محكمة التحكيم الرياضي «كاس»، وذلك برغم صدور قرار سابق من «اليويفا» بمنع النادي من خوض منافسات هذه البطولة بسبب انتهاكه قواعد الإنفاق المالي بدوره.
وأشار التقرير إلى أن الإدارة القطرية للنادي الباريسي تحاول التظاهر أمام مسؤولي كرة القدم الأوروبية، بأنها باتت أكثر مسؤوليةً على صعيد الإنفاق المالي، في محاولةٍ يائسةٍ للاستفادة من حالة «آيه سي ميلان».
ولم يغفل التقرير الإشارة إلى أن زيادة ميزانية النادي الفرنسي قد تكون بمثابة اتباع لأساليب مالية مشبوهة لمواجهة المشكلات التي يعاني منها «باريس سان جيرمان» في الفترة الحالية، لا سيما في ظل تزايد الشكوك المثارة حول عقود الرعاية التي يحظى بها.